ماهية العملات الرقمية والافتراضية وكيف يتم التعامل معها؟
رابط الاختصار
العملة الرقمية Digital currency تدعى أيضا العملة المشفرة أو العملة
الإفتراضية أو العملة الإلكترونية أو حتى النقود الإلكترونية وأيضا العملات
المعماة.
هذه الأصول هي عبارة عن نقود ونوع من أنواع العملات لكنها غير موجودة
بأشكال فيزيائية ومادية، بل إنها افتراضية وتتواجد في العالم الافتراضي أو
فضاء الإنترنت.
أهداف العملات المشفرة والرقمية
ظهرت هذه العملات وعددها يزداد يوما بعد يوم مع إطلاق المزيد منها بتسميات مختلفة و بيتكوين هي أشهرها لكنها ليست الوحيدة.
كل هذه العملات تقريبا أسست ووجدت لهدف واضح ألا وهو استخدامها في الدفع
الإلكتروني على الإنترنت والمعاملات التجارية وكذلك لنقل الأموال وتحويلها
بسرعة من أي بلد لآخر بدون حدود ودون معيقات ودون أي حد للتحويل اليومي
والآني.
ومع هذه العملات أصبحت عملية تحويل مليارات الدولارات سهلة للغاية وتتم
في دقائق مع خصوصية عالية حيث لا يتم الكشف عن أطراف الصفقة، وهذا غير ممكن
في الواقع حيث البنوك المركزية عادة ما تضع حدودا للسيولة المالية التي
ستخرج من البلاد وتعمل على الرفع من السيولة الواردة إليها.جاءت العملات
المشفرة ليس فقط لتحويل الأموال بسرعة بدون الاعتراف بالجغرافية واختلاف
الوقت والعملات الوطنية وتركيبة الاقتصاد والحدود السيادية، لكنها أيضا
جاءت لتستخدم في شراء السلع والمنتجات والبيع وتلقي العائدات والأرباح على
أشكال عملات رقمية قابلة لصرفها إلى الدولار والعملات النقدية.
كما أن هذه العملات لديها بورصات للتداول هي منصات التداول الإلكترونية
الموزعة حول العالم، وهي التي تتيح للباحثين عن الاستثمارات المربحة شراء
كميات منها وبيعها عندما ترتفع قيمتها والفارق بين سعر الشراء والبيع هو
الربح، وبالطبع الخسارة ممكنة عند البيع أثناء الأزمات المفاجئة وأوقات
البيع
تاريخ العملات الرقمية والمشفرة
تاريخ هذا القطاع طويل وليس وليد الأمس أو منذ سنوات قليلة كما يعتقد
معظم الناس، كأي مجال أو قطاع أو منتج هناك سلسلة من أحداث الفشل يليها
النجاح و الإنطلاق الحقيقي.
وبالطبع من هم على إطلاع بتاريخ العملات الرقمية والافتراضية هم من
يعتقدون بأنها ستبقى هنا ولن تموت كما يروج البعض ممن اتخذوا مواقف معادية
لأسباب عديدة أهمها قلة المعرفة بالمجال والجهل.
بالعودة إلى عام 1977 ظهرت خوارزمية RSA وهي من اختراع الثلاثي ليونارد
أدليمان و آدي شامير و رونالد ريفست في معهد ماساتشوستس للتقنية والتي أعلن
عنها حينها وتم نشر ورقة اختراعها، وهي في اختصارها تتكون من 3 أحرف هي
الأحرف الأولى لأسمائهم.
الفائدة من هذه الخوارزمية التي شكلت النواة الأولى لهذه العملات هي أنها تسمح بتلقي الإيرادات والأموال عن طريقها.
بعدها بسنوات طويلة وبالضبط عام 1993 اخترع عالم الرياضيات ديفيد تشوم
ecash، ما يقال بأنها أول عملة مشفرة إلكترونية وهي التي اعتمدت على
التشفير.
وبعدها عمل ديفيد تشوم على جمع الأموال لتمويل فكرته ونجح بالطبع في
إنشاء شركة DigiCash التي تدير هذه العملة الرقمية المركزية، وعمل على
التعاقد مع التجار والشركات من أجل قبول عملته واستخدامها في التعامل
الإلكتروني، إلا أنه وبسبب تأخر التجارة الإلكترونية وعدم تناميها كثيرا في
ذلك الوقت فشل المشروع ولم يتمكن من اقناع الشركات والتجار باستخدام
عملته.
عام 1996 تم إطلاق الذهب الإلكتروني E-gold وهو عبارة عن أول موقع
لتبادل الذهب وتداوله، وهو الذي يتطلب فتح حساب عليه واستخدامه في شراء
الذهبي وبيعه، وللأسف تم إغلاق الموقع بعد شبهات من انه استخدم في غسيل
الاموال ورغم أنه وصل عدد المشتركين فيه إلى أكثر من 3.5 مليون مشترك إلا
انه أغلق في النهاية.
في نفس الفترة وتحديدا خلال 1997 اخترع آدم باك نظام للحد من البريد
الإلكتروني المزعج ويدعى Hashcash وهو الذي تم دمجه أيضا في خوارزمية وشفرة
العملات الرقمية مع تطويره بالطبع.بعدها بعام واحد تمكن خريج علوم
الكمبيوتر وي داي من إنشاء مخطط للعملة الإلكترونية شاركها عبر قائمته
البريدية وهي التي شكلت النواة الأولى للعملات الرقمية الموجودة حاليا.
بعدها بعامين وبالضبط خلال 1999 تم إطلاق أول بنك إلكتروني ونتحدث عن
باي بال الذي يساعد في تحويل الأموال عبر الإنترنت وقد عزز نجاحه واقبال
الناس عليه في التأكيد على ضرورة إطلاق عملات رقمية وإلكترونية تستخدم في
تحويل الأموال.
عام 2003 ظهر متصفح تور Tor الذي يوفر تصفح المواقع بإخفاء الهوية وكذلك
تصفح المواقع المحجوبة والممنوع الدخول إليها عبر المتصفحات العادية، وشكل
هذا دعما غير مباشر للعملات المشفرة والتشفير وخصوصية التحويلات المالية
والصفقات التجارية.
بعدها بعام تمكن المبرمج هال فيني من الكشف عن بروتوكول “RPOW” وهو
المتخصص في مقاومة هجمات الهرمان من الخدمات واعادة استخدام الخدمات بعد
الهجوم عليها وتعطلها لفترة قصيرة دون تدخل بشري، وهو ما يعد دعما آخر
لظهور العملات الرقمية والمشفرة.
في تشرين الاول من عام 2008 وفي ظل الأزمة العالمية المالية نشر شخص
مجهول يدعى ساتوشي ناكاموتو ورقة يتحدث فيها عن طرق تحويل الأموال بدون
مراقبة الحكومات والسلطات المالية.
نفس العام تم إنشاء البلوك تشين من طرف الشخص المجهول والذي يقال أيضا
أنه يمكن أن يكون اسما مستعارا لمجموعة من الأشخاص عملوا على هذه التقنية
التي أثارت أنظار البنوك والمؤسسات المالية وهناك انفتاح عليها في قطاعات
كثيرة منها الطب والعقود الذكية والتجارة والتدريس وهي عبارة عن سجل
للمعاملات في العملة الافتراضية بيتكوين.
عام 2009 وبالضبط خلال شهرنيسان تمكن ذلك الشخص الذي يقف وراء بيتكوين
من تعدين 50 وحدة منها وبعدها بأيام تمت أول صفقة للعملة بين ناكاموتو وهال
فيني.
عام 2011 وصل سعر بيتكوين إلى 1 دولار أي أنها تساوت معها في القيمة
وهذا حسب تداولات بورصة MTGOX وبعدها ظلت تتزايد قيمة هذه العملة.
بعد ذلك بدأت تظهر عملات رقمية جديدة منافسة للعملة الأصلية ومبنية على
البلوك تشين مع قدوم كل واحدة منها بقنية بلوك تشين مخصصة ومطورة ومعدلة
لصالحها، وضمن هذه الأسماء نجد الريبل XRP التي تأسست عام 2012 ثم لايتكوين
و الإيثريوم هذه الأخيرة تأسست عام 2015 حتى أصبح عددها أكثر من 1590 عملة
رقمية الآن.
من جهة أخرى أصبحت هناك العشرات من منصات التداول والتي توفر شراء وبيع
العملات الرقمية، وكذلك خدمات تحويل الدولار أو العملات النقدية إلى
العملات الرقمية وتحولت إلى تجارة رائجة.
وتعدت القيمة السوقية للعملات الرقمية 700 مليار دولار أمريكي بداية هذه
السنة فيما يقال أنه بعد تجاوز أزمة التقنين الحالية ينتظر أن تقدر قيمتها
ببضعة تريليونات دولار وقد تتجاوز مستقبلا قيمتها البورصات العالمية.
وعلى عكس العملات الورقية والعملات المعدنية، العملات الرقمية هي عملات غير ملموسة!
معنى هذا أن اي عملة غير ملموسة ولا يستطيع الفرد أن يشعر بها هي عملة
إلكترونية، وهذا معناه أن النقود التي في الكروت الإئتمانية ، و النقود
التي يتم إرسالها واستلامها عبر البنوك الإلكترونية تعتبر نظام العملات
إلكترونية ، ولكن إذا ما تم لمسها والشعور بها أصبحت عملات عادية كما هو
متعارف عليه.
وتسمي بالأنجليزية Cryptocurrency وهي تنقسم لـ مقطعين، المقطع الثاني
هو Currency العملة ، بينما المقطع الأول هو كلمة Crypto وهي إختصار لكلمة
Cryptography اي علم التشفير.
يستطيع الشخص أن يحصل على بيتكوين مثلا، في عملية تسمي تعدين البيتكوين.
كيف تعمل العملات الرقمية؟
العملات الرقمية وتحديدا البيتكوين هي عملات لا مركزية، اي لا يمكن لحكومة أو مؤسسة ما أن تتحكم في إنتاج المزيد منها.
ولكن كيف يتم التحكم في العملات الرقمية؟
يتم التحكم في العملات الرقمية عن طريق تكنولوجيا تٌدعي سلسلة الكتل (Blockchain).
و تم تعريف سلسلة الكتل في كتاب (ثورة سلسلة الكتل – Blockchain
Revolution) على يد الكاتب دون تابسكوت وأخوه على أنها عبارة عن دفتر
حسابات إلكتروني غير قابل للتلاعب به للمعاملات الاقتصادية التي يمكن
برمجتها، ليس لتسجيل المعاملات المالية فقط، بل لكل شئ له قيمة.
بمعنى أن كل تعامل اقتصادي أو مالي يحدث على النظام يتم تسجيله وتشفيره
في كتلة ، وربطها بالكتل الأخرى لتكوين سلسلة الكتل ، فهمت الأمر؟!
يتميز نظام العملات الرقمية أو نظام البيتكوين وهو نظام لا مركزي لإرسال وإستقبال الأموال بعدة امور:
– السرعة الفائقة، حيث يتم تحويل ما تريد من مال في أقل من ثواني، على عكس طريقة البنوك التقليدية التي تستغرق أياما.
– التكلفة المنخفضة جدا، حيث تكلفة عمليات تحويل الأموال بالبيتكوين تقريبا مجانية أو مبلغ لا يٌذكر.
– الحماية والشفافية، حيث أن كل عملية إقتصادية أو مالية يتم حفظها في
كتلة و توزيعها على ملايين الحواسيب حول العالم، مما يجعل عملية إختراقها
مستحيلة عمليا، كما أن العملية المالية تتم أمام العالم كله مما يجعل
محاولات التلاعب بها مستحيلة.
– لا مركزية أي غير تابعة لأي بنك مركزي.
اهم العملات الرقمية
في عام 2009 ظهر لنا أول عملة إلكترونية مشفرة على يد ساتوشي ناكاموتو ، وهذه العملة تسمى ” بيتكوين “.
تعد عملة البيتكوين هي العملة الأشهر في عالم العملات الإلكترونية و
التي ينصح جميع المستثمرين التداول بها في مقابل العملات الأخرى ، كما أنها
الأعلي من حيث القيمة السوقية.
أما في عام 2011، قام تشارلي لي المهندس السابق لدى شركة جوجل بإختراع
عملة إسمها لتكوين (LTC)، وهي ظهرت كبديل للبيتكوين، ولكنها لم تستطع زحزحة
البيتكوين من مكانه ولا يوجد عملة أخري استطاعت تفعل هذا، بالرغم من أنها
متقاربة جدا مع البيتكوين.
في عام 2013، ظهرت لنا عملة من أشهر العملات الرقمية وهي الريبل
(Ripple) حيث تحتل المرتبة الثالثة في عالم العملات الرقمية من حيث
السيولة, تختلف عملة الريبل عن عملة البيتكوين، حيث أن الثانية تريد أن
تستبدل نظام المصرفي التقليدي، أما الأولى لا تريد إلغاءه بل تريد دعمه!
لفهم عملة الريبل بشكل مبسط، قام رئيس المحللين لعملة ريبل الرقمية، ديفيد شوارتز، بالتوضيح هكذا:
” أنظمة الدفع اليوم هي بمثابة ما كان عليه البريد الإلكتروني في أوائل
الثمانينيات. فقد قام كل مزود ببناء نظامه الخاص لعملائه، لأنه في حال
استخدم الناس أنظمة مختلفة سوف يكون بإمكانهم التفاعل بسهولة مع بعضهم
البعض. لذلك تم تصميم شبكة عملة الريبل لتربط أنظمة الدفع المختلفة مع
بعضها بعضًا. ”
أما في كانون الاول 2014، قام إيفان دوفيلد بإنتاج عملة داش (Dash) وهي
عملة رقمية تعتبر نسخة أكثر سرية من بتكوين ، بينما في ابريل 2014، قام
إنتاج العملة الرقمية المونرو على يد فريق عملها ، وفى العام ذاته أطلقت
الحكومة الصينية العملة الرقمية نيو من أجل تدعيم الإقتصاد الصيني.
في عام 2015، قام المبرمج الروسي فيتاليك بوتيرين بإختراع ثاني أشهر
وأفضل العملات الرقمية على الإطلاق، عملة الإيثريوم (Ethereum), الإيثريوم
عملة افتراضية أو رقمية و منصة لا مركزية في الوقت ذاته! , الإيثريوم
كعملة رقمية مفهوم وضعه وماهيته، بينما كمنصة لا مركزية فهي أمر في غاية
الأهمية والخطورة!
الإيثريوم يهدد وظيفة عمل الحكومة، حيث أنه هذا النظام يسمح بإنشاء عقود
ذكية بطريقة تحاكي العقود التقليدية، ويتأكد من أن جميع بنود العقد قد تم
الإيفاء به ويضمن عدم الإخلال بأي شرط من شروط العقد ، وهو بالظبط دور
السلطة في الحياة الواقعية.
مخاطر وعيوب العملات الرقمية
- عدم وجود جهة رقابية يمكن الرجوع لها للاحتكام في حالات النصب والغش، المستخدم مسئول بشكل مطلق عن امواله الرقمية.
- عدم وجود بيانات شخصية خاصة بمستخدمي العملة، مما جعلها وسيلة للتداولات المشبوهة مثل تجارة السلاح والمخدرات.
- لا يمكن للدولة تقاضي ضرائب علي العمليات التجارية التي تتم من خلال العملات الرقمية.
من المفترض ان الضرائب واحدة من اهم مصادر الدخل لكل دولة، فمنها يتم توفير خدمات صحية وتعليمية للمواطنين.
من ثم العملات الرقمية من الممكن ان تضر بإقتصاد الدول علي المدي البعيد. - التذبذب في سعر العملات الرقمية يسبب قلق للكثيرين، ويجعلها اقرب لسوق المضاربات منها كعملة بديلة.
- لا يمكن الاعتماد عليها بشكل كامل في الوقت الحالي.
فهناك مليارات البشر حول العالم لا يجيدون استخدام الانترنت والتعامل مع التكنولوجيا.
من ناحية اخري هناك الكثيرين الذين لديهم القدرة علي استخدام العملات الرقمية، ولكنهم يشعرون بالريبة والشك تجاهها.